ما الذي ستستفيده إن فهمت أن الأرض ليست مسطحة؟

Rima Ibrahim
2 min readFeb 22, 2021

--

تثير اهتمامي أحياناً النقاشات التي تدور في الصفحات الليبية عن موضوعات تتعلق بعلم الفيزياء الفلكية Astrophysics، هذا العلم الذي يحتاج فهمه للحصول على معرفة بالرياضيات أو الفيزياء والذي أرى أنّ نظام التعليم الليبي لم يكفه حقه ولم يستطع تأهيل أجيال قادرة على فهم كيف يعمل عالمنا الفيزيائي. فالنقاشات السطحية حول كروية ودوران الأرض أو النقاش في أخبار عاجلة عن وصول مركبات روبوتية إلى المريخ توضّح الكثير من النقص للمهارات الأساسية التي يحتاجها مستخدمو التكنولوجيا اليوم.

يبدو لي وجود افتقار واضح للقدرة على تحليل المعلومات القائمة على مبادئ الفيزياء، وهو ما لا يوجد لوم عليه كونه أحد نتائج المنظومة التعليمية الليبية. غير أنّه بالإضافة لذلك، يتضح لي الضعف في القدرة على تحليل المعلومات الزائفة والمضللة، وانعدام التفريق بين المصدر العلمي والمصدر الزائف، ضعف في قراءة الاحصائيات والنِسب والتقديرات الرياضية. عدم فهم ما يعنيه مصطلح “نظرية”، أو “دراسة علمية” أو حتى كيف تتم قراءة نتائج استبيان أو مسح احصائي. هذا الضعف يقود للكثير من المغالطات والنتائج الخاطئة والأفكار الشائعة المزيفة، لا فقط تجاه علم مستقبلي معقد مثل فيزياء الفلك، ولكن اتجاه كل أنواع المعارف والمعلومات المتوفرة على الإنترنت. بما يجعل من المستخدم للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي غير قادر على قراءة وفهم المعلومات المتاحة أمامه، وقد يسهّل من القدرة على انقياده في اتجاهات فكرية متطرفة أو يسهل استقطابه سياسياً أو حتى توجيهه نحو اختيارات شخصية مربحة لمسوّقين في قطاعات معينة.

يقول أحد المتابعين للنقاشات العلمية “ما الذي سأستفيد منه شخصياً إن اقتنعت بأن الأرض كروية أو مسطحة؟ لن يتغير شيء في حياتي” بالتالي، فهو لا يهتم بتحليل مثل هذا النوع من المعلومات، ويتركه كنقطة رأي عام جدلية تحتمل الصواب والخطأ طالما لا تؤثر في مسار حياته الشخصية. غير أنّ هذا الافتقار لفهم المعلومات وتحليلها وانعدام القدرة على التفريق بين المعلومة والزيف، هي مهارة ضائعة مهمة في القرن الواحد والعشرين، ويطلق عليها “الوعي المعلوماتي”، وعدم امتلاك هذا النوع من المهارات يسمي بـ”الأميّة المعلوماتية”.

تصف لجنة الوعي المعلوماتي في جمعية المكتبات الأمريكية هذه المهارة بأنه ليكون الشخص واعياً معلوماتياً “يجب أن يكون قابلا لاكتشاف المعلومة حين يحتاجها، وأن تكون لديه القابلية لتحديد مكانها، وتقييمها، والاستعمال الفعال للمعلومة متى احتاجها”. الوعي المعلوماتي اليوم مهارة مهمة للتوعية بأهميتها، ترتبط بنا ابتداءً من خياراتنا في التسوق، مروراً بفهمنا للأخبار اليومية عن نتائج التكنولوجيا المتقدمة، وتنتهي باختيارنا للقادة السياسيين وانتماءاتنا الفكرية وتوجهاتنا السياسية، وحتى فهمنا لديننا.

طالما لم توجد حملات حقيقية نابعة عن رغبة في توعية المجتمع بمواجهة الأمية المعلوماتية وعدم وجود خطط لإدماج مهارات الوعي المعلوماتي ضمن مناهج التعليم واستمرار انتشار الأخبار الزائفة واعتبار الموضوعات العلمية مجرد فكرة يسهل نقاشها مع الجميع فإننا سنبقى مهددين بسهولة توجيهنا نحو خيارات قد لا نفهمها جيداً أو نملك الوعي الكافي لاتخاذها لانتشار البارانويا والتفكير اليقيني والاعتقاد بالمؤامرة ورُهابنا من الآخر المتقدم تكنولوجياً القادر على تزييف المعلومات أمامنا نحن الذين يمكننا التحقق من خداعه فقط لأننا نملك الهاتف الذكي الذي صنعه في يدينا وعشرون عاماً من تراكمات التعليم في نظام ديكتاتوري ودولة ديستوبية علمتنا بأن 2+2 تساوي دوماً 5.

أفق مفتوح والكثير لإكتشافه…ما كتبه المسبار الروبوت المسمى “مثابرة” من على سطح المريخ في تغريدة له على تويتر

--

--

Rima Ibrahim

أحاديث صغيرة، كان بالإمكان مشاركتها مع صديق.ة