ما الذي تبقّى لي من الميلود

ما الذي يعنيه الميلود؟ لطفلة لم تكن تعرف مدى تعقيدات هذه الحياة كان الميلود عبارة عن ليلة دافئة في “حوش احنينة” في الهضبة، أقف بالشارع مع أخي نشعل القنديل البسيط جداً والمُختار بعناية من بين خيارات محدودة. كان الأضواء الصغيرة التي تصنعها أيادي الأطفال بالمِيش والقنديل أمام كل باب، كان تحذيرات الأهل المُطاعة بعدم شراء الخط ولوّح والإبتعاد عن أولئك الأطفال الخطيرين الذين يشعلونه بجنون. كان الخميسة الملونة المخصصة للطفلات ذوات الأحلام الصغيرة حينها مثلي، أولع فوقها خمس شمعات، ثم ألعب بذوبان الشموع مع عمتي، التي تبهرني بصنع حمامات وبجعات من الشمع الأبيض الناصع.

كان حماس الصباح الباكر حين توقظنا أمي ورائحة العصيدة الشهية تملأ المنزل، بعيون شبه غافية نتذوق مزيج الربّ والدقيق ولا ننهض حتى يحلّفنا أبي أن نكمل الصحن حتى آخره لكيّ ندخل الجنة.

كان تاجوراء التي تلخص اسمها في حوش اجديدا، في جلسة شاهي العالة من يدين احنينة، أحضانها الدافئة وصوتها الحنون. ضحكات خالاتي وطعامهن الطيّب، والكثير من اللعب بين التوتة والكرمة وشجرة الحناء.

لم يخطر ببال الطفلة أن يكون الميلود ذات يوم مليء بكل هذه التعقيدات والمصطلحات الكبيرة، لم يخطر ببالها أنها لن تستطيع أن تردد مع محمّد منير أغنيتها الروحانية المفضلة مدد يا رسول الله دون أن تخاف، أو أن تتردد في حماسها للعصيدة، أو أن تصاب بالرعب من حدة المفرقعات بالشوارع، أو أن تفقد لمة العيلة وحضن احنينة ونور الخميسة.

Get the Medium app

A button that says 'Download on the App Store', and if clicked it will lead you to the iOS App store
A button that says 'Get it on, Google Play', and if clicked it will lead you to the Google Play store
Rima Ibrahim

أحاديث صغيرة، كان بالإمكان مشاركتها مع صديق.ة