صرخة فتاة طرابلسية

Rima Ibrahim
2 min readMar 8, 2021

--

“حفزني للمجاهرة بما يختلج في صدري سنيناً ما قرأته في أحد أعداد جريدة طرابلس الغرب الغراء الأخيرة عن لجنة حقوق البشر في هيئة الأمم المتحدة ، فقد اتفقت فيها الوفود بالاجماع على أن كل فرد من أفراد الجنس البشري له حق الحياة في هذه المعمورة وأن ليست هناك فوارق في الدين والعنصر والجنس ولكنا نعلم أن المرأة في الأقطار الاسلامية من الباكستان إلى المغرب الأقصى تتمتع اليوم بحقوق البشر وكرامته وأن أبواب الحياة مفتوحة أمامها في كافة المرافق غير أن الأمر مع الأسف الشديد أو الحزن العميق ليس كذلك في بلادنا. فالمرأة الطرابلسية في حالة لا تدعو إلى الاغتباط بل تدعو للأسف العميق فلقد ظلت في حالة إهمال تام منذ قرون جرتها إلى جهل مطبق مع أن الطبيعة وهبتها ذكاء تحسد عليه.”

من رسالة بعنوان “صرخة فتاة طرابلسية” أرسلت تحت اسم “مواطنة” لرئيس تحرير جريدة طرابلس الغرب ونشرت عام 1948م ضمن مجموعة من رسائل من نساء ليبيات تشيد بأهمية تعليم المرأة ومنحها حقوقها الأساسية بما أدى لافتتاح دورات مسائية للنساء الراغبات في الدراسة بأعمار مختلفة، بينما كان الرأي العام يرى أن التعليم والعمل للمرأة يؤدي للمفاسد والمهالك.

قد تبدو لنا هذه رسالة مشروعة ومنطقية خاصة في وقت كانت تتخبط فيه المرأة الليبية في الجهل والعزل عن المجتمع، غير أنه في ذاك الحين لم يكن مألوفاً أن تشارك المرأة برأيها حول واقعها وواقع بلدها أو أن تطالب بحقوقها التي تنصها الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان. كانت كل من تشتكي أو تطالب ولو عبر أسماء مستعارة بتعليم وتثقيف المرأة تواجه بخطاب قمعي يتخذ من العرف والتقاليد والدين حجة له لتبقى المرأة بالمطبخ أو ترعى الحيوانات أو تلد الطفل تلو الآخر.

وعلى الرغم من أن المرأة الليبية نالت الاستحقاق تلو الآخر متجاهلة اتهام أفاضل المناضلات بما لا يليق ومحاولة إبعادهم عن المشاركة بالحياة العامة، لا زال ذات الخطاب السلطوي الاتهامي صامداً من سبعين عاماً يقف في وجه كل صاحبة رأي وطموح وشغف وفكر نقدي يواجهها بذات الذرائع التي كسرتها الليبيات على مر التاريخ ولا زالت تكسرها بهدوء وذكاء لطالما تحلت به في مواجهة العقول المتحجرة والذي أوصلها لكل ما اكتستبه من تغيير حتى اليوم.

كل عام وكل ليبية بخير وبحجة وبذكاء وبقوة أمام كل من يقمعها.

الصورة كما ذكر المصدر في الخمسينات في ليبيا، ذات الفترة التي كتبت فيها الرسالة أعلاه.

--

--

Rima Ibrahim

أحاديث صغيرة، كان بالإمكان مشاركتها مع صديق.ة